بقلم الأستاذ/ إيهاب ناجي، المحامي
التلبس كما يفهم من ظاهر اللفظ يفيد أن الجريمة واقعة وأدلتها ظاهرة وبادية ومظنة احتمال الخطأ فيها طفيفة والتأخير في مباشرة الإجراءات قد يعرقل سبيل الوصول إلى الحقيقة ومتى كان هذا هو معنى التلبس قبل محل للخشية من المساس بحريات الأفراد وضماناتها لو منح مأمور الضبط القضائى عندئذ سلطات التحقيق.
هذا وقد حدد المشرع صور التلبس على سبيل الحصر خشية من خطورة ما يترتب عليها من آثار تمس غالبا الحريات.
وهناك أهمية أحوال التلبس السلطات الواسعة ًبالجريمة حيث تتميز أحوال التلبس بالجريمة بأهمية خاصة نظرا لما يترتب عليها لمأمور الضبط فقد وسع المشرع من واجبات وسلطات مأمورى الضبط القضائى إذا ما كانت الجريمة في حالة تلبس ويبرر هذا التوسع أن وجود الجريمة في هذه الحالة يبعد شبهة التعسف من جانب مأمورى الضبط التي يمكن انتشارها.
فإن ضبط الجريمة في حالة تلبس تقيض الخروج على القواعد العامة في الإجراءات الجنائية فإذا كانت الجريمة واضحة فإن لا حاجة من وجب أحترام القواعد الشكلية المقررة في القانون للبحث عن الأدلة والكشف عن الجناة بل ينبغى على العكس الإسراع في اتخاذ الإجراءات للمحافظة على أدلة الجريمة حتى لا تمس أو تمحى باعتبارها أفضل الادلة والقبض الفورى على المتهم قبل مغادرته لمكان الجريمة أو قبل تمكنه من الهروب والفرار.
ومن ناحية أخرى ضبط الجريمة في حالة تلبس تنتفي معه مظنة الخطأ في التقدير في الجريمة واضحة وأدلتها ظاهرة شاهدة على صحة وقوعها ونسبتها إلى المتهم.
حالات التلبس
الحالة الأولى -: مشاهدة الجريمة حال ارتكابها
وهذه هي أكثر حالات التلبس وضوحاً ، وتتحقق أثناء ارتكاب الأفعال التى يتكون منها الركن المادى للجريمة أو جزء منه ،وإن نطاقها إلى كل حالة يتم فيها إدراك ارتكاب الجريمة عن طريق حاسة من الحواس ، حتى كان هذا الإدراك على سبيل اليقين ولا مجال للشك فيما إذا انتفى االإدراك اليقني انتفت حالة التلبس .
الحالة الثانية -: مشاهدة الجريمة عقب ارتكابها ببرهة يسيرة
يختلف المقصود بالمشاهدة في هذه الحالة عنها في الحالة الأولى ، في أن المشاهدة هنا المقصود بها الأفعال المادية للجريمة ، وإنما تفتقر على مشاهدة ما تخلف عن الجريمة من آثار وأدلة تفيد أنه لم يمضى على ارتكاب الجريمة غير وقت قصير بما وقع عليه ومن ثم فإنه لا يكفى لقيام حالة التلبس الادعاء بوقوع سرقة أو شروع في قتل ما لم يكن هناك أثر يشاهده مأمور الضبط بنفسه أو يتحصل عليه بإحدى حواسه.
الحالة الثالثة -: تتبع المجنى عليها مرتكب الجريمة إثر وقوعها.
إذا اتبع المجني عليه مرتكب الجريمة إثر وقوعه فى هذه الصورة تكون الجريمة فى حالة تلبس وتقدير الزمن الذي عبر عنه المشرع بكلمة ” إثر” متروك لمأمور الضبط القضائى تحت رقابة محكمة الموضوع ولم يشترط القانون في هذه الحالة صدور صياح من المجنى عليه أثناء تتبعه للجانى وكل ما يتطلبه القانون في هذه الحالة هو تتبع الجاني ولو بدون صياح.
الحالة الرابعة : وجود مرتكب الجريمة عقب ارتكابها حامل أشياء يستدل منها على أنه فاعل المنكر أو شريك فيه.
وتعد هذه الحالة من حالات الظهور بالمنكر التى تماثل حالة وجود الجاني بعد وقوع الجريمة بوقت قريب حاملًا أشياء يستدل منها على أنه فاعل الجريمة أو شارك فيها ، والعبرة في تحقيق هذه الحالة من حالات الظهور بالمنكر هى بوقوع المنكر منذ وقت قريب والمشتبه في أمره على مقربة من مكان ارتكاب المنكر وهو يرى حاملًا أشياء تدل على أنه قد ارتكب المنكر أو شارك في ارتكابه ويستوي في هذه الأشياء أن تكون قد استعملت في ارتكاب المنكر ، أو تحصلت منه.
الحالة الخامسة -: مشاهدة أدلة الجريمة مع الجاني أو آثارها بادية عليه.
يقصد بهذه الحالة ، كما ورد بنص المادة 32 إجراءات ” مشاهدة مرتكب الجريمة أو أشياء أخرى آلات أو أسلحة أو أوراقا أو غير ذلك مما يستدل معه ارتكاب هذا الشخص لهذه الجريمهّ، وذلك سواء كان فاعل أصلي أو شريك، بعد وقوعها بوقت قصير. وعلى ذلك تفترض هذه الحالة مشاهدة أثار الجريمة أو الأدوات التي استخدمت فيها بأيدى المتهم أو الشريك.
وهذه الأدلة أما أن تكون الأشياء التي استعملت في ارتكاب الجريمة أو أشياء تم الحصول عليها وقت ارتكاب الجريمة.
شروط التلبس
الشرط األول -: مشاهدة التلبس بمعرفة مأمور الضبط القضائى
إذا كان المشرع قد خول مأمور الضبط القضائى بعض سلطات التحقيق في حالة التلبس فقد اشترط أن يكون مأمور الضبط ذاته هو الذى ضبط الجريمة متلبساً بها ، فإذا لم يكن هو قد عاصر تلبسها في أية صورة من الصور المنصوص عليها فلن يكون هناك ما يبرر تحويله تلك السلطات الخاصة.
الشرط الثاني : مشاهدة مأمور الضبط القضائى لحالة التلبس عن طريق مشروع
هناك صور كثيرة إذا جاءت مشاهدة مأمور الضبط القضائى لحالة التلبس عن طريق أي منها تكون صحيحة إلا أنها يجب أن تكون قد جاءت عن طريق مشروع قانونا ، مثال ذلك مشاهدة مأمور الضبط القضائى لحالة التلبس
إذا تخلف شرط من شروط صحة التلبس أصبح التلبس ليس له قيمة بل وكل ما يترتب عليه من قبض او اي اجراء من الاجراءات التالية له يكون باطلا .وذلك تطبيقا لقاعدة مابني على باطل يكون باطلا .
آثار التلبس
نصت المادة 31 من قانون الإجراءات الجنائية على( أنه يجب على مأمور الضبط القضائى فى حالة التلبس بجناية أو جنحة أن ينتقل فورا إلى محل الواقعة ويعاين الآثار المادية للجريمة ويحافظ عليها ويثبت حالة الأشخاص وكل ما يفيد كشف الحقيقة ويسمع أقوال من كان حاضرا ،أو من يمكن الحصول منه على إيضاحات فى شأن الواقعة ومرتكبها. ويجب عليه أن يخطر النيابة العامة فورا بانتقاله ،ويجب على النيابة العامة بمجرد إخطارها بجناية متلبس بها الانتقال فورا إلى محل الواقعة.
وطبقا لنص المادة 31 من قانون الإجراءات الجنائية سالفة الذكر فإن المشرع أوجب على مأمور الضبط القضائى إذا توافرت إحدى حالات التلبس بجناية أو جنحة الانتقال فورا إلى محل الواقعة مع اخطار النيابه العامه كما أوجب على النيابة العامة بالانتقال إلى محل الواقعة حال ما تم إخطارها من قبل مأمور الضبط القضائى بجناية متلبس بها.
Leave a Reply