القانون المدني

ما هي أنواع العقود؟ التعريف والأركان والأنواع وبطلان العقد في القانون المصري.

العقد يُعد من أبرز مصادر الالتزام في القانون المدني المصري، حيث يترتب عليه نشوء التزامات قانونية بين الأطراف المتعاقدة، ويستند العقد إلى مبدأ التراضي، مما يجعله أحد الأسس الجوهرية لتنظيم العلاقات القانونية داخل المجتمع.

تعريف العقد

العقد هو توافق بين إرادتين أو أكثر بهدف تحقيق أثر قانوني محدد، وقد عرّفه القانون المدني المصري في المادة ٨٩ من القانون المدني ١٣١ لسنة ١٩٤٨ بأنه “أن يتبادل طرفان التعبير عن إرادتين متطابقتين، مع مراعاة ما يقرره القانون فوق ذلك من أوضاع معينة لانعقاد العقد.” ويؤكد هذا التعريف على الدور المحوري للإرادة في تكوين الالتزام التعاقدي.

أولاً: ما هي أركان العقد؟

يتألف العقد من ثلاثة أركان أساسية: الرضا، المحل، والسبب، حيث يلعب كل منها دورًا جوهريًا في صحة العقد ونفاذه.

١. الرضا: لا بد من وجود توافق حقيقي بين إرادتي الطرفين المتعاقدين، ويشترط لصحة هذا الرضا أن يكون خاليًا من أي عيب يؤثر عليه، مثل الغلط، التدليس، الإكراه، أو الغبن، وإذا توافر أي من هذه العيوب، يحق للطرف المتضرر المطالبة بإبطال العقد.

٢. المحل: ينبغي أن يكون المحل محددًا أو قابلًا للتحديد، بالإضافة إلى كونه مشروعًا، وقد يكون المحل شيئًا ماديًا أو معنويًا، ويشترط أن يكون متوافقًا مع النظام العام والآداب.

٣. السبب: يجب أن يكون الالتزام ناشئًا عن سبب مشروع ومحدد، حيث يمثل السبب الغاية التي يسعى المتعاقد إلى تحقيقها من العقد، على ألا يكون مخالفًا للنظام العام أو الآداب.

ثانياً: ما هي أنواع العقود؟

تنقسم العقود في القانون المدني المصري إلى عدة فئات وفقًا لمعايير مختلفة:

١. العقود المسماة والعقود غير المسماة: العقود المسماة هي التي نص عليها القانون وحدد أحكامها، مثل عقد البيع، عقد الإيجار، وعقد المقاولة، أما العقود غير المسماة، فهي تلك التي لم يرد بشأنها نص قانوني محدد، لكنها تستند إلى مبدأ حرية التعاقد، وتشمل العقود المستحدثة التي تتماشى مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية.

٢. العقود الملزمة للجانبين والعقود الملزمة لجانب واحد: العقود الملزمة للجانبين هي التي يترتب عليها التزامات متبادلة بين الطرفين، كما في عقد البيع، حيث يلتزم البائع بنقل الملكية، بينما يلتزم المشتري بدفع الثمن، أما العقود الملزمة لجانب واحد، فهي تلك التي تنشئ التزامات على طرف واحد دون أن تفرض التزامات على الطرف الآخر، مثل عقد الهبة.

٣. العقود الفورية والعقود الزمنية: العقود الفورية هي التي يتم تنفيذها فور إبرامها، كما في عقد البيع النقدي، أما العقود الزمنية، فهي التي يمتد تنفيذها على فترة زمنية، مثل عقد الإيجار.

ثالثاً: ما هي أنواع العقود في الشركات؟

تُعد العقود عنصرًا أساسيًا في تأسيس الشركات وإدارتها، بغض النظر عن نوع النشاط أو طبيعة الشركة، فهي تساهم في ضمان حقوق جميع الأطراف المتعاقدة، مما يجعل التعرف على أنواع العقود أمرًا ضروريًا لأي شركة، وفيما يلي بعض أنواع العقود التي قد تحتاجها الشركات خلال عملها:

١. عقود التأسيس

أ- عقد تأسيس الشركة هو الوثيقة التي يوقعها المؤسسون لإنشاء الشركة، حيث يحدد النظام الأساسي لها، بما في ذلك اسم الشركة، الغرض منها، مقرها، رأس المال، ونوعها.

ب- أما عقد الاتفاق بين الشركاء، فهو العقد الذي يتم من خلاله تحديد الشروط والالتزامات المتفق عليها بين الشركاء المؤسسين.

٢. عقود العمل

أ- تشمل عقود العمل عقد العمل الفردي، الذي يُبرم بين الشركة والعامل ويحدد حقوق والتزامات كل طرف، مثل مدة العقد، الراتب، المهام، وأوقات العمل.

ب- هناك أيضًا عقد العمل الجماعي، الذي يتم توقيعه بين الشركة أو صاحب العمل وبين اتحاد العمال أو نقابة معينة، ويتضمن القواعد المنظمة للعمل داخل الشركة.

٣. عقود البيع والشراء

تنقسم إلى عقد بيع السلع، وهو اتفاق بين الشركة والمورد بشأن شراء السلع أو المواد الخام اللازمة لعملية الإنتاج، وعقد بيع المنتجات أو الخدمات، الذي يُبرم بين الشركة والعملاء لتوفير المنتجات أو تقديم الخدمات.

٤. عقود التوريدات

هذه العقود تنظم العلاقة بين الشركة والموردين، حيث تحدد الالتزامات المتعلقة بتوريد السلع أو الخدمات بشكل منتظم، مثل عقود توريد المواد الخام أو قطع الغيار.

٥. العقود الهندسية

تشمل عدة أنواع وفقًا لطبيعة المشروع والتزامات الأطراف، ومنها عقود السعر الثابت أو المبلغ الإجمالي، عقود سعر الوحدة، عقود التكلفة الإضافية، رسوم التكلفة الزائدة الثابتة، نسبة التكلفة الزائدة الثابتة، وعقود الوقت والموارد، تهدف هذه العقود إلى تحديد المسؤوليات، الجدول الزمني، التكاليف، والجودة المتوقعة للمشروع، مما يضمن سير العمل وفقًا للشروط المتفق عليها.

٦. العقود العقارية

تنظم عمليات البيع، الشراء، التأجير، وإدارة العقارات، وتشمل عقود البيع، عقود الإيجار، عقود الرهن العقاري، عقود الوكالة العقارية، عقود إدارة العقارات، عقود الاستثمار العقاري، عقود التنازل عن العقار، عقود المقاولات العقارية، عقد الحكر، عقود البيع على الخارطة، عقود التأجير التمويلي، وعقود الهبة العقارية، تلعب هذه العقود دورًا أساسيًا في تنظيم العلاقات بين الأطراف وحماية حقوقهم.

٧. العقود في الإسلام

تُعد العقود الإسلامية اتفاقات شرعية تُبرم وفقًا لأحكام الشريعة لتحقيق العدالة وتنظيم المعاملات، وتشمل العقود المالية، عقود التبرعات، عقود الضمان، العقود الأسرية، العقود الشرطية، عقود الوكالة، العقود المتعلقة بالمنافع العامة، والعقود المحرمة، تهدف هذه العقود إلى ضمان الحقوق بين الأفراد وفق الضوابط الشرعية.

رابعاً: متى يعتبر العقد باطلاً؟

العقد الباطل هو اتفاق غير معترف به قانونيًا منذ لحظة إبرامه، مما يعني أنه لا يُنتج أي أثر قانوني ولا يمكن تنفيذه أمام المحكمة، ويرجع البطلان إلى عدم تحقق أحد الشروط الأساسية لانعقاد العقد، مثل غياب الرضا الصحيح، عدم مشروعية المحل، أو عدم توفر الأهلية القانونية للأطراف المتعاقدة.

تشمل الأمثلة على العقود الباطلة تلك التي تتضمن أنشطة غير قانونية، أو التي يتم إبرامها تحت الإكراه أو التدليس، كما تعد العقود التي يبرمها أشخاص فاقدو الأهلية القانونية، كالقُصَّر أو غير العقلاء، باطلة أيضًا.

وبذلك، فإن العقد الباطل لا يُرتب أي حقوق أو التزامات على الأطراف المتعاقدة، كأنه لم يكن.

أسباب بطلان العقد

توجد عدة أسباب تؤدي إلى بطلان العقد، وأبرزها ما يلي:

١. عدم صحة الرضا: إذا لم يكن هناك رضا صحيح بين الأطراف المتعاقدة، فإن العقد يُعتبر باطلًا. ويشترط لصحة الرضا أن يكون خاليًا من العيوب مثل الإكراه، التدليس، أو الوقوع في خطأ جوهري يؤثر على إرادة المتعاقد.

٢. عدم مشروعية المحل: يجب أن يكون موضوع العقد مشروعًا، فإذا كان يتضمن نشاطًا غير قانوني، مثل تجارة المخدرات أو التهرب الضريبي، فإنه يُعد باطلًا ولا يمكن الاعتداد به قانونًا.

٣. عدم توفر الأهلية القانونية: لا بد أن يكون للأطراف المتعاقدة الأهلية القانونية اللازمة لإبرام العقد، فإذا كان أحد الأطراف قاصرًا أو فاقدًا للأهلية العقلية، فإن العقد يصبح باطلًا وغير نافذ.

وبذلك، تحدد هذه الأسباب الإطار القانوني لصحة العقود، مما يضمن حماية التعاملات القانونية من البطلان.

المصادر: القانون المدني رقم ١٣١ لسنة ١٩٤٨

(بقلم أ/ محمد عفيفى المحامى٢٢/٠٢/٢٠٢٥)

ت/ ٠١٠٧٠٥٩٤٤٤٦

ايميل/ mohamed.afifi@aiolegalservices.com

Ihab Nagy

Recent Posts

الشروع في الجريمة: المفهوم القانوني، المراحل، والعقوبات وفق القانون المصري.

الشروع بوجه عام نموذج خاص لجريمة تتخلف نتيجتها، أو سلوك غير مفض إلى النهاية التي…

3 أيام ago

الضرائب على الشركات في مصر: نظرة عامة في ظل احكام القانون رقم ٣٠ لسنه ٢٠٢٣ ( أنواع الضرائب، مجموعة حوافز ضريبية، التحديات )

تعد عملية تحديد دخل الشركات والضريبة المترتبة عليه أحد الجوانب الحيوية في إدارة الشؤون المالية…

أسبوع واحد ago

عقود العمل فى القانون المصرى: كل ما تحتاج معرفته عن عقود العمل في القانون المصري: الأنواع، الشروط، الحقوق والالتزامات.

عقود العمل تعد من أهم الوسائل القانونية لتنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل، وتحدد الحقوق…

أسبوعين ago

ضريبة التصرفات العقارية: من الملزم بدفعها، العلاقة بينها وبين ضريبة الدخل، غرامة التأخير في السداد، هل يعفى الورثة منها ومتى تسقط؟

تُعد ضريبة التصرفات العقارية من أهم القضايا القانونية والضريبية التي تثير الجدل في مصر، خاصةً…

أسبوعين ago

التحكيم: مفهومه، مميزاته، عيوبه، وأنواعه – دليل شامل لفهم آلية التحكيم في حل المنازعات.

نظرا لما للتحكيم من أهمية بالغة فى عصرنا الحالى وذلك منذ منتصف القرن العشرين وحتى…

3 أسابيع ago

إجراءات تسجيل العقارات في مصر:المتطلبات، الإجراءات، الأهمية، المخاطر.

تسجيل العقارات في مصر تعتبر عملية هامة لضمان حقوق الملكية والتحقق من صحة العقار، في…

شهر واحد ago