نظرا لما للتحكيم من أهمية بالغة فى عصرنا الحالى وذلك منذ منتصف القرن العشرين وحتى نهايته بصورة ملحوظة، ويرجع ذلك إلى عاملين أساسيين.
-العامل الأول: الوفاء بحاجة التجارة الدولية، نتيجة تشابك معاملات هذه التجارة وتضخمها بصورة كبيرة، وما تثيره من منازعات ذات طبيعه خاصه كبيره تحتاج إلى وسائل غير تقليدية فى حلها.
-العامل الثاني: دعم مسيرة القضاء، إذ اتضح ضرورة تأكيد الدور الهام الذى يقوم به القضاء فى تحقيق أمن وسلامة المواطنين وذلك عن طريق التفرغ لنظر ما يعرض أمامه من قضايا، ولذلك كان من الضروري قيام التحكيم بدوره فى إكمال دور القضاء، وذلك عن طريق قيام التحكيم بحل النزاعات الخاصة.
– ومن هنا اكتسب التحكيم صفته كوسيلة مستقلة لحل المنازعات بغير طريق القضاء.
ما هو مفهوم التحكيم؟:
التحكيم هو وسيلة من الوسائل الاختيارية التي يلجأ إليها الأفراد لحل نزاعاتهم بالطرق الودية وذلك بعيدا عن القضاء عن طريق أفراد محايدين وذلك بناء على اتفاق مسبق بين الأطراف التى تلجأ إليه أو بناء على شرط فى العقد،ويكون ذلك خاصة فى المعاملات التجارية.
ما هي مميزات التحكيم؟ وما هي أنواعه؟
التحكيم طريق متميز لحل المنازعات يقبل عليه الأشخاص لما له من مزايا عديدة، ومن هذه المزايا:
١– فهو نظام من صنع الأشخاص: إذ أن مرونة التحكيم تسمح لأطرافه بقيام تشكيله على النحو المناسب لهم، كما يمكن أطرافه من أختيار نوع التحكيم الذى يرغبون فى اتباعه – سواء كان تحكيم مؤسسي أم تحكيم حر -وسواء كان تحكيم بالقانون أو تحكيم بالصلح.
أ- التحكيم المؤسسي: هو الذى يكون فى أحد مراكز التحكيم ومؤسساته الدائمة، وهى التى تكون مهمتها حل النزاعات عن طريق التحكيم أو التوفيق أو الصلح وتطبق قواعد أو لوائح خاصة بها.
ب- التحكيم الحر : فهو الذى يقوم أطرافه بصياغته بالطريقة التى تنساب نزاعهم خارج إطار أي مؤسسة أو مركز من مراكز التحكيم، إلا أن هذا النوع يحتاج من الأطراف عنايه كبيره فى تحديد كافة القواعد التي تنظمه في كافة مراحله.
ج- التحكيم بالقانون: فهو الذى يقوم فيه المحكم بتطبيق أحكام القانون على التحكيم فى جميع مراحله، كما أنه يتم إخضاع جميع مراحله لقانون واحد.
د- التحكيم بالصلح:هو الذى يقوم المحكم فيه بحل النزاع المعروض عليه دون التزام بتطبيق أحكام القانون، كما أنه لا يكون ملزم بتدعيم قراراته بأسانيد من القانون -إلا أن هذا النوع من التحكيم يحتاج إلى تفويض صريح من الأطراف للمحكم ليقوم بالتحكيم صلحا أو عدالة أو باعتباره حكما طلقا أو دون تقييد بالقانون.
٢- كما يتميز التحكيم بالسرعة: فلا يخفى على أحد أن من أشد العيوب التى يواجهها القضاء هي البطئ الناتج عن تراكم القضايا المعروضة على المحاكم في كافة التخصصات وفي مختلف الدول، فإذا قام القاضى بتحقيق العدالة فهي عدالة بطيئه، ولا يخفى أن البطئ فى تحقيق العدل هو من أشد أنواع الظلم، فقد لا يصل صاحب الحق إلى حقه إلا بعد فترة طويلة – فقد تصل إلى عدة سنوات -وهذا مما يعد أحد الأسباب التي تجعل الأشخاص تفر من القضاء إلى التحكيم.
٣- كما يتميز التحكيم بالبساطة والسهولة: فيختلف التحكيم عن القضاء فى أن التحكيم لا يتبع شكل معين، كما أنه لا يتصف بالرسميه، فإن أطراف التحكيم تقوم بالتعامل مع أفراد أو جهات خاصة، وحتى لو تم التحكيم فى إطار مؤسسات أو مراكز للتحكيم فالكثير من هذه المراكز لا يتبع جهات حكومية أو حتى دولية.
٤- كما أن التحكيم يتميز بالقدرة على تحقيق العدالة: فالهدف الرئيسى الذى يجب أن يسعى إليه أى محكم هو تحقيق العدالة بين أطراف النزاع، وأن يكون لديه قدر كبير من المرونة والحرية فى تحقيق الحكم العادل وذلك دون التقيد بنظام رسمى أو قانونى يعيقه خاصة فى حالة التحكيم بالصلح، فإن المحكم لا يلتزم بأى قانون لتحقيق ما يسعى إليه.
٥- كما يتميز التحكيم بمناسبة فى المعاملات: مثل معاملات الاستثمار والمعاملات التى تكون الدولة طرف فيها،والمعاملات التى تنشأ فى إطار منظمة التجارة العالمية والمعاملات ذات الطابع الدولى ومعاملات التجارة الإلكترونية.
إذ تتجه كافة دول العالم إلى تشجيع وزيادة الإستثمار، وذلك لدعم اقتصادها القومى وزيادة حجم التنمية فيها.
ما هي المساوئ التي قد تنسب إلى التحكيم؟
-رغم ما يتمتع به التحكيم من مزايا عديدة، إلا أن هناك بعض المساوئ التى قد تناله، فمن هذه المساوئ:
١- التكلفة المادية: وترجع أسباب التكلفة المادية فى التحكيم إلى تصاعد رسوم التحكيم ومكافآت المحكمين فى بعض مراكز التحكيم ومؤسساته، وهو ما يؤدى إلى هروب بعض المتنازعين من طرق التحكيم، إلا أن هذا العيب قد يحد منه عند مراعاة العامل الزمنى، إذ أنه من الممكن العمل على إنهاء النزاع فى مدة قصيرة أو حتى مدة زمنية محددة مما يعمل على تقليل النفقات التي يتكبدها الأطراف.
٢- عدم التحديد (أو الهلامية ): يرجع عدم التحديد أو الهلامية إلى تعدد النصوص والأحكام الواردة فى قوانين مختلف الدول ولوائح مراكز ومؤسسات التحكيم المنتشرة في كافة دول العالم، فضلا عن الاتفاقيات والمواثيق الدولية فى هذا الشأن بالإضافة إلى المعاهدات الإقليمية التى تم إقرارها في مختلف التجمعات على المستوى الإقليمى فى مختلف أنحاء العالم مثل الاتفاقيات العربية أو الأوربية أو الأمريكية فى مجال التحكيم.
٣- عدم موضوعية بعض المحكمين: ترجع عدم الموضوعية إلى قيام المحكم بتطبيق قوانين غير تلك القوانين المراد تطبيقها مما يؤدى إلى عدم الإتقان والتدقيق فى بعض الأحيان فى النزاعات المعروضة على المحكمين، ويعد هذا السبب من الأسباب التي تسيء إلى التحكيم.
ولكن هل يجوز التحكيم فى جميع المسائل أو لأى شخص أو بدون كتابة؟ إليك التفصيل :
١- تنص المادة ١١ من قانون التحكيم المصرى رقم ٢٧لسنة ١٩٩٤على هذا، إذ تقضى بأنه (لا يجوز التحكيم فى المسائل التى لا يجوز فيها الصلح) أى أن هناك بعض المسائل التي لا يجوز للأطراف التصالح عليها وهى ذاتها التى لا يجوز أن يرد عليها التحكيم.
٢- كما لا يجوز لأى طرف الإتفاق على الصلح أو على التحكيم إلا إذا كان يملك التصرف فى حقوقه، حيث نصت المادة ٥٥٠ من القانون المدني المصري قم ١٣١لسنة ١٩٤٨ على أنه (يشترط فيمن يعقد صلحا أن يكون أهلا للتصرف بعوض في الحقوق التي يشملها عقد الصلح )
٣- كما تنص المادة ١١ من قانون التحكيم المصرى رقم ٢٧لسنة ١٩٩٤ بأنه (لا يجوز الإتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعى أو الاعتبارى الذى يملك التصرف فى حقوقه)
٤- كما أوجبت المادة ٥٥٢من القانون المدنى الصرى رقم ١٣١لسنة ١٩٤٨ على الكتابة بنصها( لا يثبت الصلح إلا بالكتابة أو بمحضر رسمى )
المصادر:
١- قانون التحكيم المصرى رقم ٢٧لسنة ١٩٩٤.
٢-القانون المدني المصري رقم ١٣١لسنة ١٩٤٨
(بقلم إيهاب ناجي المحامى ١٥/٠٢/٢٠٢٥)
ت/واتس/ ٠١٠٩٠٤٩٧٢٨٢/٠١٠٧٠٥٩٤٤٤٨
إيميل/ihab.nagy@aiolegalservices.com
Leave a Reply